تقديم إشكالي
تدهورت أوضاع الإمبراطورية العثمانية خلال القرن 19م، مما أدى إلى انهيارها وتقسيم مناطق نفوذها، بسبب تداخل مجموعة من العوامل.
- فما العوامل التي أدت إلى تدهور الإمبراطورية العثمانية وانهيارها؟
- وما الأساليب التي استعملتها القوى الاستعمارية للتغلغل بالمشرق العربي؟
- وما هي أهم مناطق النفوذ التي قسم إليها المشرق العربي؟
ساهمت مجموعة من الأسباب في ضعف وانهيار الإمبراطورية العثمانية رغم محاولات الإصلاح
أسباب داخلية
- أسباب سياسية: تمثلت في الأزمة السياسية التي أعقبت وفاة سليمان القانوني 1566م بحيث تعاقب على الحكم سلاطين ضعاف بدون كفاءة، ولمدد قصيرة أهملوا أمور الحكم التي أصبحت بيد الصدر الأعظم.
- أسباب عسكرية: تمثلت في الثورات المتتالية لجيش الانكشارية، وتدخله في شؤون الحكم مقابل إهمال مهماته الدفاعية، مما كبد الإمبراطورية العثمانية العديد من الهزائم، حيث فرضت هذه الهزائم على الإمبراطورية العثمانية توقيع عدة معاهدات كانت بنودها لصالح الدول المنتصرة، ولا تخدم مصالح الإمبراطورية العثمانية التي فقدت هيبتها.
- أسباب اقتصادية: أدى ضعف المستوى التقني في قطاع الفلاحة والصناعة إلى ضعف الإنتاج وتراجع النشاط التجاري، بحيث ظل الاقتصاد العثماني بدائيا توجه جل عائداته لخدمة القصر ورجال السلطة، فاضطرت الدولة إلى بيع المناصب الإدارية، والاقتراض من الخارج (36 قرض في ظرف نصف قرن) لتغطية نفقات الطبقة الحاكمة، فهيمنت الدول الأوربية على مالية الدولة العثمانية بإحداث "صندوق الدين العثماني ".
أسباب خارجية
تدخل الدول الأوربية في الشؤون الداخلية للإمبراطورية، ودعم الحركات الانفصالية بهدف إضعاف الإمبراطورية.
شهدت الإمبراطورية العثمانية عدة محاولات للإصلاح لكنها باءت بالفشل
لجأت الدولة العثمانية منذ أواخر القرن 18م إلى سن سلسلة من الإصلاحات، استهدفت الحيلولة دون التفكك التام والسقوط تحت قبضة الاستعمار الأوربي، حبث تعددت المجالات التي همتها الإصلاحات "التنظيمات" ومنها:
- الإصلاحات العسكرية: استهدفت هذه الإصلاحات إعادة تنظيم الجيش، ومحاولة تكوين جيش نظامي يعوض الانكشارية، وتحديد التجنيد العسكري في خمس سنوات.
- الإصلاحات الاقتصادية: قام العثمانيون بإلغاء نظام الالتزام، حيث صارت تفرض الضرائب حسب الدخل والثروة.
- الإصلاحات السياسية: حاول العثمانيون وضع دستور للبلاد مستوحا من الدستور البلجيكي، والذي أقر مجموعة من الحقوق السياسية والمدنية للرعايا العثمانيين.
واجهت الإصلاحات العثمانية مجموعة من الصعوبات والتي أدت إلى فشلها، ومنها:
- معارضة بعض القوى الاجتماعية لهذه الإصلاحات تمثلت في الفقهاء ورجال الجيش.
- صعوبات مالية تجلت في نقص الموارد وارتفاع الديون.
- فساد الإدارة العثمانية والصراع داخل البلاط حول الحكم.
- عدم وجود رغبة للأجانب في إنجاح الإصلاحات.
ساهم التدخل الاستعماري الأوربي في تفكك الإمبراطورية العثمانية:
اتخذ التدخل الاستعماري بالإمبراطورية العثمانية أساليب مختلفة
تعرضت الإمبراطورية العثمانية لضغوطات إمبريالية، حيث تعددت أساليب التدخل الاستعماري للمشرق العربي ومنها:
- التدخل الاقتصادي: إثقال كاهل الإمبراطورية العثمانية بالديون، وفرض المراقبة المالية الانجليزية والفرنسية على موارد ونفقات الدولة، وانتزاع امتيازات للأجانب والمحميين.
- التدخل الديني: تجلى في إرسال بعثات تبشيرية مسيحية، والتدخل لحماية حقوق الأقليات.
- التدخل السياسي: التدخل في شؤون الحكم بعزل أو تعيين الحكام بالمناطق العربية (عزل الخديوي إسماعيل).
- التدخل القضائي: عدم خضوع الأجانب لمقتضيات القضاء العثماني.
تفككت الوحدة الترابية للإمبراطورية العثمانية
تصدعت الإمبراطورية العثمانية بفعل هزائمها المتتالية، حيث انتقلت من التوسع الترابي إلى التخلي عن أجزاء هامة من ترابها سواء بأوربا أو إفريقيا أو بالمشرق العربي، حيث ظهرت عدة حركات انفصالية تطالب بالاستقلال، فاقتطعت النمسا والدول المتحالفة معها أجزاء من الممتلكات العثمانية بأوربا بمقتضى "اتفاقية كارلوفيتز" سنة 1694م، كما تمكنت روسيا من الاستيلاء على شبه جزيرة القرم والساحل الشمالي للبحر الأسود، ومع بداية القرن 19م اشتد التنافس الأوربي حول أراضي الإمبراطورية العثمانية، فاستخدمت فرنسا وبريطانيا الطرق الدبلوماسية والعسكرية للتوغل داخلها والحصول على عدة امتيازات.
أسباب انهيار الإمبراطورية العثمانية وتفكك المشرق العربي
أدت أسباب داخلية وأخرى خارجية إلى انهيار الإمبراطورية العثمانية
- الأسباب الداخلية: تتلخص في الصراعات داخل الإمبراطورية العثمانية بفعل الصراع على الحكم، وتدخل الجيش في شؤون الحكم، أن كما حروب البلقان ساهمت في إضعاف السلطة المركزية، وساهمت الثورة العربية الكبرى المطالبة بالانفصال بتحريض من بريطانيا في تفكك وحدة الإمبراطورية.
- الأسباب الخارجية: أدت الحروب التي خاضها العثمانيون ضد بلغاريا، والتآمر الفرنسي الإنجليزي، والهزيمة في الحرب العالمية الأولى التي شاركت فيها الإمبراطورية العثمانية إلى جانب دول الوفاق إلى إضعاف وتفكك وحدة لإمبراطورية العثمانية.
التدخل الاستعماري بالمشرق العربي
استغلت بريطانيا التنافر العربي التركي لتساعد الشريف حسين بن علي أمير الحجاز خلال سنتي 1916 و1917 على تزعم الثورة العربية ضد تركيا بهدف تشكيل دولة عربية مستقلة، وفي نفس الوقت مهدت بريطانيا لاحتلال المشرق العربي بعقد اتفاقيات سرية أهمها اتفاقية سايكس–بيكو في ماي 1916 لتقسيم المنطقة مع فرنسا، ووعد بلفور في نونبر 1917 لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وبعد الحرب العالمية الأولى تمكنت بريطانيا وفرنسا من احتلال المشرق العربي بناء على قرار عصبة الأمم.
خاتمة
عقب انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، تمكنت بريطانيا وفرنسا من احتلال المشرق العربي وتقسيمه إلى كيانات سياسية متعددة، مما سيؤدي إلى تفكك الحركات القومية، وظهور حركات وطنية تطالب بالاستقلال.
التسميات :
التاريخ الثالثة إعدادي